اسرار الحكمة في مخلوقات الله

الله
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد النور و اله
تعتبر عبادة التفكر من اعظم العبادات التي دعانا الله سبحانه و تعالى اليها قال عز من قائل"....و يتفكرون في خلق السماوات و الارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"ال عمران
من اجل ذلك
ان شاء الله في هذا الموضوع سندرج كتاب اسرار الحكمة في مخلوقات الله للامام ابوحامد الغزالي رضي الله عنه حتى يساعد من هم امثالنا في التفكر و التدبرلعله يكون سببا في فتح مقفلات القلوب
والله سبحانه و تعالى نسال ان ينفعنا به ويجعله حجة لنا لا علينا و صل اللهم وسلم على افضل خلقك سيدنا محمد و اله و سلم
باب ا

التفكر في خلق السماء و في هذا العالم

قال الله تعالى " افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها و زيناها و ما لها من فروج" سورة ق و قال ايضا " الله الطي خلق سبع سموات و من الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير و ان الله قد احاط بكل شيء علما " سورة الطلاق
اعلم رحمك الله :انك اذا تأملت هذا العالم بفكر وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج اليه ، فالسماء مرفوعة كالسقف و الارض ممدودة كالبساط ، و النجوم منضوبة كالمصابيح، و الجواهر مخزونة كال>خائر ، وكل ذلك معد مهيأ لنشاته، و الانسان كالملك للبيت ، المخول لما فيه ، فضروب النبات لمآربه ، و اصناف الحيوانات مصرفة في مصالحه ، فخلق سبحانه السماء و جعل سبحانه لونها اشدالالوان موافقة للابصار و تقوية لها ، و لو كانت اشعة و انوارا لاضرت الناظر اليها ، فالنضر الى الخضرة و الزرقة موافق للابصار ، و تجد النفوس عند رؤية السماء في سعتها نعيما و راحة ، لا سيما اذا انفطرت نجومها و ظهر نور قمرها.
و الملوك تجعل في سقوف مجالسها من النقش و الزينة ما يجد الناظر اليه راحة و انشراحا ، لكن اذا داوم الناظر اليه نظره و كرره ملّهُ ، وزال عنه ما كان يجده من البهجة و الانشراح ن بخلاف النظر الى السماء و زينتها ، فان الناظر اليها من الملوك فمن دونهم اذا ضجروا من الاسباب المضجرة لهم يلجؤون الى ما يشرحهم من النظر الى السماء و سعة الفضاء. وقد قالت الحكماء: يحذوك عندك من الراحة و النعيم في دارك بمقدار ما عندك فيها من السماء.
و فيها انها حاملة لنجومها المرصعة و لقمرها ، بحركتها و سير الكواكب فيهتدي بها اهل الآفاق ، و فيها طرق لا تزال توجد آثارها من المغرب الى المشرق.و لا توجد مجردة و لا مقبلة في صورة نور، و قيل انها -اي الكواكب- انجم صغار متكاثفة متجمعة ، يهتدى بها على السير من ضل و ينظر في اي جهة كانت يقصدها، و قيل : انها مشار اليها في قوله تعالى " و السماء ذات الحبك" قيل الحبك الطرق و قيل ذات زينة.فهي دلائل واضحة تدل على فاعلها ، وصنعته محكمةصمدية تدل على سعة علم بارئها.وأمور ترتيبها تدل على ارادة منشئها.فسبحان القادر العالم المريد.
وقيل في النظر الى السماء عشر فوائد: تُنقص الهم ، و تقلل الوسواس ، و تزيل وهم الخوف ن و تذكر بالله ، و تنشر في القلب التعظيم لله ، و تزيل الفكر الرديئة ، و تنفع لمرض السواد ، و تسلي المشتاق ، و تُؤنس المحبين ، و هي قبلة دعاء الداعين .

بسم الله الرحمن الرحيم
باراك الله فيكي رضوانية
وامدك الله بمددك وننتظر منك المزيد

الله
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد النور و اله
حكمة خلق الشمس
قال سبحانه و تعالى " و جعل الشمس سراجا" سورة نوح 16 و قال ايضا " و جعلنا سراجا وهاجا" النبا 13
اعلم ان الله سبحانه و تعالى خلق الشمس لأمور لا يستكمل عملها الا الله وحده فالذي ظهر من حكمته فيها : ان جعل حركاتها لاقامة الليل و النهار و في جميع اقاليم الارض و لولا ذلك لبطل امر الدنيا و الدين ، او لولاه كيف كان الناس يسعون في معايشهم ، و يتصرفون في امور لهم و الدنيا مظلمة عليهم ؟ و كيف كانوا يتهنون بالعيش مع فقدهم لذة النور و منفعته ؟ و لولا ضياء نورها ما انتُفِع بالابصار و لم تظهر الالوان.
و تأمل غروبها و غيبتها عمن طلعت عليهم و ما الى ذلك من الحكمة، و لولاه لم يكن للبشر هدوء و لا قرار مع شدة احتياجهم للهدوء و راحة ابدانهم، و خمود حواسهم ، و انبعاث القوة الهاضمة لهضم طعامهم ، و تفنيد الغذاء .ثم كان به الحرص على مداومة العمل و مطاولته على ما يعظم مكانته في ابدانهم , فان اكثر الحيوانات لو لادخول الليل ما هدءوا و لا قرّوا ، من حرصهم على نيل ما ينتفعون به .ثم كانت الارض تحمى بدوام شروق الشمس و اتصاله حتى يحترق كل ما عليها من الحيوانات و النباتات ، فهي بطلوعها في وقت و غروبها في وقت بمنزلة سراج لأهل بيت ، يستضاء به ليهتدوا و يقروا.
و هي في حرها بمنزلة نار يطبخ بها اهل الدار ، حتى اذا كمل طبخهم و استغنوا عنهت ، اخذها من جاورهم وهو يحتاج اليها فينتفع بها ، حتى اذا قضى حاجته منها سلمها لآخرين ، فهي ابدا منصرفة في منافع أهل الارض بتضاد النور و الظلمة ، و هما على تضادهما متعاونين على ما فيه صلاح العالم و قوامه و الى هذه القضية الاشارة بقوله تعالى " قل ارأيتم ان جعل عليكم الليل سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بضياء ، افلا تسمعون ، قل ارايتم ان جعل عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله ياتيكم بليل تسكنون فيه افلا تبصرون "؟

بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله العظيم سبحان الله البديع
سبحان الله المصور
سبحان الله خالق الأكوان
جل الله في علاه
جزاكي الله خيرا يارضوانية اللهم ارزقنا التفكر في مخلوقاتك لانها عبادة عظيمة واغفرلنا تقصيرنا في شكرك علي ماانعمت به علينا٠

الله
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد النور و اله

_تابع_
ثم بتقدمها و تاخرها تستقيم الفصول ، فيستقيم امر النبات و الحيوان . ثم انظر الى مسيرها في فلكها في مدة سنة ، و هي تطلع كل يوم و تغرب بسير اخر سُخِّر لها بتقدير خالقها . فلولا طلوعها و غروبها لما اختلف الليل و النهار ، و لا عرفت المواقيت .و لو انطبق الظلام على الدوام لكان فيه الهلاك لجميع الخلق. فانظر كيف جعل الله الليل سكنا و النهار معاشا . و انظر الى ايلاجه الليل في النهار و النهار في الليل ، و ادخاله الزيادة و النقصان فيهما على الترتيب المخصوص و في ذلك يقول تعالى " يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل و سخر الشمس و القمر . كل يجري لاجل مسمى .ذلك الله ربكم له الملك . و الذين يدعون من دونه ما يملكون من قطمير"(الانفطار) و يقول كذلذ " ان في اختلاف الليل و النهار و ما خلق الله في السماوات و الارض لايات لقوم يوقنون (يونس).

و انظر الى امالة سير الشمس حتى اختلف بسبب ذلك الصيف و الشتاء ، فاذا انخفضت من وسط السماء برد الهواء و ظهر الشتاء ، و اذا استوت وسط السماء اشتد القيظ و اذا كان فيما بينها اعتدل الزمان ، فيستقيم بذلك امر الحيوان و النبان باقامة هذه الازمنة الاربعة من السنة.

و اما ما في ذلك من المصلحة : ففي الشتاء تعود الحرارة في الشجر و النبات فتتولد فيه مواد الثمار ، و يستكشف الهواء فينشأ منه السحاب و المطر ، و تشتد ابدان الحيوان ن و تقوى افعال الطبيعة.
و في الربيع تتحرك الطبائع في المواد المتولدة في الشتاء ، فيطلع النبات باذن الله ، و ينوِّر الشجر و تهيج اكثر الحيوانات للتناسل.و في الصيف يخمر الهواء فتنضج الثمار و تنحل فضولالابدان و يجف وجه الارض ، فتتهيأ لما يصلح لذلك من الاعمال.و في الخريف يصفو الهواء فترتفع الامراض و يمتد الليل فتعمل فيه بعض الاعمال ، و تحسن فيه الزراعة ، و كل ذلك يأتي على تدريج و بقدر ن حتى لا يكون الانتقال دفعة و احدة ، و الى غير ذلك مما يطول لو ذكر.

فهذا يدلك على تدبير الحكيم العليم و سعة علمه ، ثم تفكر في انتقال الشمس في هذه البروج لاقامة دورة السنة، وهذا الدور هو الذي يجعل الازمنة الاربعة : الشتاء ، الصيف ، الخريف ، الربيع و تسير على التمام . و في القدر من دوران الشمس تدرك الغلات و الثمار و تنتهي غايتها ، ثم تعود و تستانف السير ، و بمسيرها تكمل السنة ، و يقوم حساب السنة على التاريخ بتقدير الحكيم العليم .

تأمل اشراق الشمس على العالم كيف دبره تبارك و تعالى ، فانها ان بزغت في موضع واحد لا تعدوه لما وصل شعاعها الا الى جهة واحدة ، و خلت عنها جميع الجهات ، فكانت الجبال و الجدران تحجبها عنها ، فجعلها سبحانه تشرق بطلوعها اول النهار من المشرق فيعم شروقها ما يقابلها من جهة المغرب ، ثم لا تزال تدور و تغشي جهة بعد جهة حتى تنتهي الى الغرب ، على ما استتر عنها اول النهار ، فلا يبقى نوضع حتى يأخذ بقسطه منها .
ثم انظر الى مقدار الليل و النهار ، كيف وقتها سبحانه على ما فيه صلاح العالم، فصارا بمقدار لو تجاوزاه لأضرّ بكل ما على وجه الارض من حيوان و نبات ، اما الحيوتن فكان لا يهدأ و لا يفر ما دام يجد ضوء النهار، و كانت البهائم لا تمسك عن الرعي فيؤل امرها الى تلفها ، و اما النبات فتدوم عليه حراراة الشمس و توهجها فيجف و يحترق ، و كذلك الليل لو امتد مقداره ايضا لكان معوقا لاصناف الحيوان عن الحركة و التصرف في طلب المعاش، و تجمدت الحرارة الطبيعية من النبات فيعفن و يفسد ن كالذي يحدث اذا كان الموضع لا تقع الشمس عليه .

الله
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد النور و اله


في حكمة خلق القمر و الكواكب :

قال الله سبحانه و تعالى " تبارك الذي جعل السماء بروجا و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا " سورة الفرقان

اعلم ان الله سبحانه و تعالى لما جعل الليل لبرد الهواء و هدوء الحيوان و سكونه ، لم يجعل سبحانه ظلمة داجية لا ضياء فيها البتة، اذ لا يمكن ان يعمل عملا فيها ن و ربما احتاج الناس الى بعض اعمالهم في الليل ، اما لضرورة او لضيق وقت عليهم من النهار، و قد يقع ذلك لشدة الحرارة او لغيره من الاسباب ، فكان ضوء القمر في الليل من جملة ما نحتاج اليه في المعونة على ذلك ، فجعل طلوعه في بعض الليالي ، و ينقص نوره عن نور الشمس و حرها ، لئلا ينشط الناس في العمل نشاطهم في النهار، فينعدم ما به ينعم بالهدوء و القرار فيضر ذلك بهم.

و جعل في الكواكب جزءا من النور يستعان به اذا لم يكن ضوء القمر ، و جعل الكواكب زينة السماء و انسا و انشراحا لاهل الارض ، فما الطف هذا التدبير.و جعل للظلمة دولة و مدة للحاجة اليها، و جعل خلالها النجوم فأَََنظَرَ من النور ليكمل به ما احتيج اليه.
ثم في القمر علم الشهور و السنين ، و هو صلاح و نعمة من الله قال تعالى " هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا و قدره منازل لتعلموا عدد السنين و الحسابما خلق الله ذلك الا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون" يونس

وفي كل شئ له آية 0000000 تدل علي أنه الواحد

فتبارك الله أحسن الخالقين
جزاك الله خيرا ورضي عنك أختنا الرضوانية الحسنية

الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد النور و اله

_تــــــــــــــــــــــــابع_

ثم انظر الى دوران الفلك بهذه الكواكب في كل يوم و ليلة دورانا سريعا و سيرها معلوم مشاهد فانا نشاهدها طالعة و غاربة و لولا سرعة سيرها لما قطعت هذه المسافة البعيدة في اربع و عشرين ساعة _فهناك من الكواكب المنتمية الى المجموعة الشمسية ما يقدر اليوم الواحد فيه ب 84 سنة لدينا_.
فلولا تدبير البارئ سبحانه بارتفاعها حتى خفي عنا شدة مسيرها في فلكها ، لكانت تَتَخطف بتوهجها الابصار لسرعة حركتها ، كالذي يحدث احيانا من البروق اذا توالت في الجو ، فانظر لطف البارئ سبحانه و تعالى في تقدير سيرها في البعيد و البعيد، كيلا يحدث في سيرها حادث لا يحتمل، مقدرة في جميع الاحوال على قدر الحاجة.

و من عظيم الحكمة خلق الافلاك التي بها ثبات هذا العالم، على نهاية من الاتقان لطول البقاء و عدم التغيير ، فقد كٌفِيَ الناس التغيير في هذا الامر الجليل ، الذي ليس قدرة و لا حيلة في اصلاحه ، و لو نزل به تغيُر فانه يوجب ذلك التغير امرا في الارض ، اذ قوام الارض مرتبط بالسماء ، فالامر في جميع ذلك ماض على قدرة البارئ سبحانه و تعالى ، لا يختل و لا يتغير ، و لا يختلف منه شيء في ميقاته لصلاح العالم ، فسبحان العليم القدير

اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم
سبحان الله خالق الاكوان مدبر الامور لا اله الا الله