منتدي الساحة الرضوانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف أبو عمر الأزهري الأربعاء يوليو 01, 2009 12:09 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ، والصلاة السلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد : فقد وجدت هذا الشرح مكتوبا في منتدى الحوار الإسلامي لكاتب اسمه ناصح محب فأحببت نقله إلى منتدنا المبارك.

قال : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وفق أحبابه للسير وهداهم الى طريق الهدى والنور والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي البشير النذير النور وعلى آله وصحبه أهل السرور وبعد ,

فهذا كتاب قيم اسمه ( شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي ) ولا يخفى قيمة الحكم العطائية على صاحب بصيرة فهي والله من أنفع الكتب في السلوك ومعالجة النفس وخباياها .....
وقد وفق الله أحد الاحباب أن يكتب الكتاب على الانترنت ونذكره باسمه وهو الأخ رزق البابلي حفظه الله وجزاه خيرا .... وسأنزله للأحباب على فترات ان شاء الله
أبو عمر الأزهري
أبو عمر الأزهري
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 98

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty رد: شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف أبو عمر الأزهري الأربعاء يوليو 01, 2009 12:12 am

فنبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ....
( وبعد ) فيقول أفقر العباد إلى مولاه الغني عبد المجيد الشرنوبي الأزهري - بلّغه الله الأمل ووفقه لصالح العمل - : لما كانت حكم السيد السري العارف بالله تعالى سيدي أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري مِنْ أنفع ما يَتَوَصَّلُ به المريد إلى معرفة طريق العارفين الموصلة إلى ذي العرش المجيد لاشتمالها على دقائق التوحيد المنيفة مع اختصار عباراتها الرائقة اللطيفة أردت أن أشرحها بشرح وسط خال من التطويل والغلط يراه الناظر لها كالمصباح ويتحقق أنه ثمرة ما غرسه الشراح . فإني دخلت بستان العارفين الأعلام واجتنيت يانع الثمرات من حدائق الأفهام وقربت للجاني الجنى ورجوت من الله بلوغ المنى مع اعترافي بأن باعي قصير وذهني كليل لكن أردت التشبه بهؤلاء السادة على حد ما قيل :
فَتَشَبَّهوا أن لم تكونُوا مثلَهم إن التَّشَبُّهَ بالكرام فلاح
وقد اختبرتها بالعد فإذا هي مائتان وأربع وستون حكمة غير مكاتباته لبعض إخوانه ومناجاته المشتملة على الحكم المهمة فاخترت أن أذكر كل حكمة بتمامها بين قوسين وأتبعها بالشرح ليقرب للناظر فهمها وتقر منه العين . وقصدت بذلك دخولي في عداد من خدم حكم هذا العارف الكبير راجياً الاستمداد من بحر أفضاله فإنه ذو المدد الشهير وقد فتح على كثير من أهل الأزهر ببركاته . نفعنا الله به وأعاد علينا من باهر نفحاته
كان رضي الله عنه ترجمان الحقيقة ومعدن السلوك والطريقة مالكي المذهب نشأ بالإسكندرية وكانت وفاته سنة تسع وسبعمائة بمصر المحمية وعلى مقامه في سفح الجبل من الأنوار ما يبهر الزوار
ثم اعلم أن الحكم جمع حكمة وهي كل كلمة حصل لك بها نفع وقال العلامة الأمير : الحِكَم جمع حكمة وهي العلم النافع وليس ذلك إلا علم الشريعة الشامل للفقه والتوحيد والتصوف لكن لما كان علم التصوف هو العلم الباحث عن تهذيب النفس وتصفيتها من الصفات المذمومة والتنبيه على ما يعرض للعبادات والمعاملات من الآفات المهلكة كالكِبْر والرياء والعجب وتعريف الطرق المخلصة من ذلك كان أنفع العلوم فخص باسم الحكم ا ه
الحِكَم
- نقصان الرجاء عند الاعتماد على العمل . . ص 14
وهذا أوان الشروع في المقصود . فأقول متوسلاً في القبول بحبيب الملك المعبود :
قال العارف رضي الله عنه :

1/من علامة الاعتمادِ على العَمَلِ نُقْصانُ الرَّجاءِ عند وجودِ الزَّللِ

يعني أن من علامات تعويل العامل على عمله أن ينقص رجاؤه في رحمة الله عند وجود زلله . ومفهومه رجحان الرجاء عند التحلي بالعمل والتخلي عن الزلل وهذه الحكمة إنما تناسب العارفين الذين يشاهدون أن الأعمال كلها من رب العالمين لملاحظتهم قوله سبحانه في كتابه المكنون : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } ( 96 ) الصافات
ص 15
تَعْمَلُونَ } فلا يعظم رجاؤهم بالأعمال الصالحة حيث إنهم لا يشاهدون لأنفسهم عملاً ولا ينقص أملهم في رحمة الله إذا قصروا في الطاعة أو اكتسبوا زللا لأنهم غرقى في بحار الرضا بالأقدار متمسكون بحبل قضاء { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } ( 68 ) القصص فإن الرضا بالقضاء واجب من حيث إرادته له ومذموم من حيث الكسب ما انفكت الجهة . وقد قال المصنف في بعض قصائده :
ولا يَمْنَعْهُ ذنبٌ من رَجَاءٍ فإنَّ الله غَفارُ الذُّنوب
وأما السالكون فإنما يناسبهم الفرح بصالح العمل وتقديم الخوف المستلزم لنقصان الرجاء عند وجود الزلل على حد قول الإمام الدردير :
وغَلِّبِ الخوفَ على الرجاءِ وسِرْ لمولاك بلا تناءِ
لا سيما في هذه الأزمنة التي رقت فيها الديانة وكثرت الجراءة على المعاصي وقلَّتْ فيه الأمانة . فإن الله تعالى جعل الأعمال الصالحة سبباً لرفع الدرجات بدار القرار والأعمال الطالحة موجبة للدرك الأسفل من النار قال تعالى : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ( 5 ) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( 6 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ( 7 ) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ( 8 ) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ( 9 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ( 10 ) } الليل وإنما بدأ المصنف بما يناسب مقام العارفين وإن كان مقتضى الترقي البداءة بمقام السالكين من الحث على حسن المتاب والتمسك بالأسباب الموصلة إلى الكريم التواب ليكون السالك حسن البداية التي بها تشرق النهاية . فمقصوده بهذه الحكمة تنشيط السالك المجد في الأعمال ورفع همته عن الاعتماد عليها واعتماده على محض فضل ذي العزة والجلال . كما أشار لذلك ابن الفارض بقوله :
التجريد المقبول . . ص 16
تمسَّكْ بأذيالِ الهوى واخلَعِ الحَيا وخلِّ سبيلَ النَّاسكينَ وإنْ جَلُّوا
فإنه لم يُرِدْ الأمرَ بترك العبادة لأنه كان من أعظم العُبَّاد بل أراد عدم التعويل عليها والاعتماد على فضل الكريم الجواد . وفي الحديث : " لن يُدْخِلَ أحداً عملُهُ الجنة " قالوا : ولا أنت يا رسول الله . قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته " . وقد جُمع بين هذا الحديث و آية : { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } النحل ( 32 ) بأن العمل لا يكون معتبراً إلا إذا كان مقبولاً وقبوله بمحض الفضل فصح أن دخول الجنة بمحض فضل الله وأن العمل سبب ظاهري متوقَّف عليه . والله تعالى يوفقنا لما فيه رضاه

2/ إرادتُكَ التجريدَ مع إقامةِ الله إِيَّاكَ في الأسباب من الشَّهوة الخفيةِ وإرادتُكَ الأسبابَ مع إقامةِ الله إِيَّاكَ في التجريد انحطاطٌ عن الهِمَّةِ العَلَيَّةِ
يعني أن عزمك - أيها المريد - على التجرد أي لتخلص من الأسباب التي أقامك الله فيها كطلب الرزق الحلال والاشتغال بالعلم الظاهر من الشهوة الخفية . أما كونها من الشهوة فلعدم وقوفك مع مراد مولاك وأما كونها خفية فلكونك لم تقصد بذلك حظ نفسك في العاجل بل التقرّب بالتجرد لمن خلقك وسوَّاك فقد زينت لك النفس بالدسيسة الخفية الخروج عن الأسباب التي أقامك فيها العزيز الوهاب
الأسباب والقضاء . . تنوع الواردات بتنوع الأعمال . . ص 17
وكذلك إرادتك الأسباب الشاغلة عن الله الكريم مع إقامته إياك في التجريد ورزقك من حيث لا تحتسب بفضله العميم انحطاطٌ عن الهمة العلية لأن ذلك رجوع من الحق إلى الخلق وهي رتبة دنية . فالزم - أيها المريد - ما رضيه لك العزيز الحميد . فإنَّ ما أدخلك الله فيه تولى إعانتك عليه وما دخلت فيه بنفسك وكلك إليه { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا } ( 80 ) الإسراء . فالمدخل الصدق أن تدخل فيه لا بنفسك والمخرج الصدق أن تخرج لا بنفسك بل بربك . { وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ( 101 ) آل عمران
فكن حيث أقامك الله ذو الفضل العظيم . وعلامة الإقامة حصول الاستقامة وتيسير الأسباب من الكريم الوهاب

يتبع إن شاء الله .......
أبو عمر الأزهري
أبو عمر الأزهري
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 98

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty رد: شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف مصطفى صبري الأربعاء يوليو 01, 2009 4:07 am

بارك الله فيك أخي أبو عمر
جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم جميعاً وجزى الله مولانا ابن عطاء الله السكندري عنا خير الجزاء
مصطفى صبري
مصطفى صبري
عضو فعال
عضو فعال

عدد الرسائل : 112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty رد: شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف أبو عمر الأزهري الأربعاء يوليو 01, 2009 6:43 am

وفيك بارك الله أخي مصطفى
أبو عمر الأزهري
أبو عمر الأزهري
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 98

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty رد: شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف أبو عمر الأزهري الأربعاء يوليو 01, 2009 6:47 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين ...


3/سَوابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدَارِ


هذه الحكمة كالتعليل لما قبلها وتوطئة لما بعدها . يعني أن ما قدره الله في الأزل لا تَخْرِقُ أسوارَه المحيطة به - فضلاَ عن أن تصل إليه - سوابقُ الهمم أي لهمم السوابق وهي قوى النفس التي تنفعل عنها الأشياء بإرادة الله تعالى وتكون للولي كرامة ولغيره كالساحر والعائن إهانة . وفيه تشبيه الأقدار بمدينة لها أسوار في الصيانة والحفظ على سبيل المكنية . أي جب عليك - أيها المريد - أن تعتقد أن الهمم أسباب عادية لا تأثير لها وما ينشأ عنها إنما هو بقضاء الله تعالى وقدره فيكون عندها لا بها . فإرادتك خلاف ما أراده مولاك لا تجدي نفعاً ولا تأثيراً لها في الحقيقة حتى تظن أنها توجب لك رفعاً

4/ أرِحْ نَفْسَكَ مِنَ التَّدْبِيرِ فما قامَ بهِ غيرُكَ عنْكَ لا تَقُم بهِ لنفسِكَ


يعني : أرح نفسك من تعب التدبير المنافي للعبودية بأن تقول : لولا
انطماس بصيرة الإنسان بتقصيره فيما طلب منه . . ص 18
فعلت كذا ما كان كذا فإن الله تعالى دبر الأشياء في سابق علمه وما قام به غيرك عنك لا تقوم به لنفسك فإنك عاجز عن القيام به . وأما التدبير المصحوب بالتفويض للعليم الخبير فلا بأس به لقوله صلى الله عليه وسلم : " التدبير نصف المعيشة " وللمصنف كتاب سماه ( التنوير في إسقاط التدبير ) راجعه أن شئت . فإن هذه المسألة أساس طريق القوم

5/ اجتهادُكَ فيما ضَمِنَ لكَ وتقصيرُكَ فيما طَلَبَ منكَ دليلٌ على انْطماسِ البصيرةِ منْكَ

يعني : أن اجتهادك - أيها المريد - في طلب ما ضَمِنَ أي كفل الله لك به من الرزق بنحو قوله تعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } هود ( 6 ) . وتقصيرك أي تفريطك فيما طلب منك من العبادة بنحو قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ } البقرة ( 21 ) . دليل وبرهان على انطماس أي عمى البصيرة منك وهي عين في القلب تُدْرَكُ بها الأمور المعنوية كما أن العين الباصرة تُدْرَكُ بها الأمور الحسية . وفُهِمَ من المصنف أن دليل انطماس
عدم اليأس من تأخير عطاء الله . . ص 19
البصيرة هو اجتماع الأمرين أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل وأخبر عن الأمرين بقوله : ( دليل ) لأن فعيلاً يستوي فيه المفرد وغيره . وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالاً من طلب الحلال بات مغفوراً له "

يتبع ان شاء الله ....
أبو عمر الأزهري
أبو عمر الأزهري
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 98

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي Empty رد: شرح الحكم العطائية للعلامة الشرنوبي

مُساهمة من طرف أبو عمر الأزهري الخميس يوليو 23, 2009 1:01 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وفق أحبابه للسير وهداهم الى طريق الهدى والنور والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي البشير النذير النور وعلى آله وصحبه أهل السرور وبعد ,
6/ لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفي الوقْتِ الذي يريدُ لا في الوقْت الذي تُريدُ

أي لا يكن تأخر وقت العطاء المطلوب مع الإلحاح أي المدوامة في الدعاء موجباً ليأسك من إجابة الدعاء فهو سبحانه ضمن لك الإجابة بقوله : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ( 60 ) غافر فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك فإنه أعلم بما يصلح لك منك . فربما طلبت شيئاً كان الأولى منعه عنك فيكون المنع عين العطاء . كما قال المصنف فيما يأتي : ربما منعك فأعطاك وربما أعطاك فمنعك . يشهد ذلك مَنْ تَحَقَّقَ بمقام { وَعَسى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ( 216 ) البقرة ولذا قال بعض العارفين : ومَنْعُكَ في التحقيق ذا عين إعطائي . وكذلك ضمن لك الإجابة في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد . فكن موسويَّ الصبر فإن الصبر وعدم الاستعجال أولى بالعبيد . ألا ترى أن موسى كان يدعو على فرعون وقومه
عدم الشك في وعد الله . . ص 20
وهارون يؤمن على قوله : { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ } ( 88 ) يونس إلى آخر ما قص الله في كتابه المكنون وبعد أربعين سنة حصل المدعوُّ به وقال : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ( 89 ) يونس . وفي الحديث : " أن الله يحب الملحين في الدعاء " . وورد : أن العبد الصالح إذا دعا الله تعالى قال جبريل : يا رب عبدك فلان اقض حاجته فيقول : " دعوا عبدي فإني أحب أن أسمع صوته " . فقم - أيها
المريد - بما أمرك الله به من الدعاء وسلم له مراده . فربما أجابك وادخر لك بدل مطلوبك ما تنال به الحسنى وزيادة

7/ لا يشككنك في الوعد عدم وقوعِ الموعود . وإن تَعَيَّن زمنُه لئلا يكونَ ذلك قَدْحاً في بصيرتِكَ وإخماداً لنور سريرتك

هذه الحكمة أعم مما قبلها فإن الموعود به في تلك خصوص الإجابة وفي هذه أعم لأنه يشمل ما إذا كان الوعد من الله بإلهام رحماني بأن ألهمك أنه يحصل لك في الوقت الفلاني فتح أو يحصل في هذا العام كذا كما يقع
كيف أن الأمراض والبلايا والفاقات تكون سبباً من أسباب معرفة الله تعالى . . ص 21
لبعض الأولياء فيخبر بذلك ثم لا يحصل . فإذا حصل لك - أيها المريد - مثل ذلك ثم تأخر الموعود به فلا تشك فيما وعدك الله به وإن تعين زمنه وبالأولى إذا لم يتعين لئلا يكون ذلك الشك قدحاً أي نقصاً في بصيرتك وإخماداً أي إطفاءً لنور سريرتك التي هي عين القلب فهي مرادفة للبصيرة وذلك لجواز أن يكون وقوع ذلك الموعود معلقاً على أسباب وشروط لم تحصل . فالعارف من تأدب مع ربه ولم يتزلزل عند تأخر ما وعده به

8/ إذا فتحَ لكَ وِجْهةً من التَّعرُّفِ فلا تبالِ معها أن قلَّ عملُكَ فإنه ما فَتَحَها لك إلا وهو يريد أن يتعرَّفَ إليكَ . ألم تعلم أن التَّعَرُّفَ هو مُورِدُهُ عليك والأعمال أنت مهديها إليه وأين ما تُهديه إليه مما هو مُورِدُهُ عليكَ

يعني إذا فتح لك الفتاح - أيها المريد - وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما . والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها . فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك - فهمزة أن مفتوحة منسكبة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء المقدرة المتعلقة بتبال - أي لا تغتمَّ مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال . فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وليستأنف العمل " . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة . وورد : أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده
تنوع الواردات بتنوع الأعمال . . ص 22
المؤمن : " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحاً مقيماً " فصح أنه ما فتحها أي لك الجهة لك إلا وهو يرد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك . ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها . كما أشار إلى ذلك بالاستفهام التقريري بقوله : ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك . . . الخ

يتبع إن شاء الله .....
الرجاء من الأحباب المتابعة فالحكم العطائية كنز من الكنوز من فاته فهمها فاته خير كبير ...
أبو عمر الأزهري
أبو عمر الأزهري
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 98

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى